الفاتيكان اصغر دول العالم

لندن: «الشرق الأوسط»
تعتبر الفاتيكان أصغر دولة في العالم، إذ لا تتعدى مساحتها 44 هكتاراً في مثلث وسط العاصمة الايطالية، روما، على الجانب الأيمن لنهر التيبر. وعدد سكانها821 شخصاً، كلهم من الكاثوليك، أكبر طائفة مسيحية على وجه المعمورة، والبعض منهم يتمتع بجنسية مزدوجة.
وقد كانت الفاتيكان جزءاً من الدولة الإيطالية حتى عام 1929 حين اتفق على إنشائها دولة ذات كيان مستقل ومقرا للكنيسة الكاثوليكية. وهي تدارُ من قبل بابا الفاتيكان الذي يعتبر أيضا القائدَ الروحيَّ لما يقارب مليار كاثوليكي في مختلف بقاع الأرض. وحددت اتفاقية 1871 العلاقة بين ايطاليا والفاتيكان، لكن البابا بيوس التاسع لم يقبل بعض نصوصها، وبقي كما يقال «أسيراً في كنيسة القديس بطرس» لكنه تم عقد اتفاقية جديدة عام 1929 ما زالت سارية المفعول، تتضمن حرية الفاتيكان التي تصونها ايطاليا.
ومنذ عام 1929 لم تعد لدولة الفاتيكان علاقة بدولة البابوات السابقة التي أثارت الحروب الصليبية وحكمت أجزاء من وسط ايطاليا وجنوبها وأيضا قسماً من جنوب فرنسا خلال الاعوام 756 ـ 1870 عام الوحدة الايطالية، حين انضمت أراضيها الى الدولة الايطالية الموحدة.
وتشكل ساحة القديس بطرس أمام كنيسة القديس بطرس مدخل المدينة. وجميع سكان الفاتيكان من العاملين في الدولة، خاصة رجال الدين وحرس الفاتيكان، وجميعهم سويسريون. وهناك عدة آلاف من العاملين الإضافيين الذين يسكنون خارج حدود المدينة. واللغة الرسمية هي اللاتينية، التي كانت يوماً ما لغة الرومان، وبقيت لغة رسمية للمذهب الكاثوليكي. على ان اللغة الإيطالية هي السائدة بين السكان والعاملين. يذكر أن الفاتيكان هي الدولة الوحيدة التي لا يعيش فيها أطفال.
والنظام السياسي في الفاتيكان معقد بعض الشيء. فالبابا هو رأس الدولة ويتم انتخابه من قبل مجلس الكرادلة لمدى الحياة. ويتم ذلك في الكنيسة السيستينية في قلب الفاتيكان، وهو يتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية مطلقة. كما أنه يعين الطاقم الإداري لمساعدته على القيام بإدارة الدولة كل خمس سنوات. ووزير الدولة كاردينال معين من البابا أيضا، يكون مسؤولا عن العلاقات الخارجية والكرسي البابوي.
وللفاتيكان سفراء معتمدون في معظم دول العالم، خاصة الكاثوليكية منها. كما أن لهذه الدول سفراء في الفاتيكان، عادة ما يكونون سفراء أيضا لبلدانهم في إيطاليا، ومقيمين في روما لضيق مساحة المدينة. وفيها سبع جامعات بروما وأماكن اخرى، منها الجامعة الغرغوريانية. وتتمتع الفاتيكان بصفة مراقب في الأمم المتحدة. كما أنها تمتعت بأنها طرف في كثير من الاتفاقات الدولية سعيا منها لترسيخ الفكر الديني والسلمي والتعاوني مع الدول الأخرى، مثل عضويتها في منظمة الوحدة الأفريقية ومعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية. وتمتلك الفاتيكان أصغر وأقدم جيش نظامي في العالم، وهو ما يعرف بالحرس السويسري، بملابسهم الملونة من طراز القرون الوسطى. وقد أسس هذا الجيش البابا يوليوس الثاني في 22 يناير (كانون الثاني) 1506، حين كان في الأصل عبارة عن مجموعة من الجنود المرتزقة القادمين من الكونفدرالية السويسرية.
ويبلغ تعداد الحرس قرابة الـ100 رجل يعتبرون الحرس الشخصي الخاص للبابا. وتقليديا يتعين أن يكونوا جميعا من الذكور السويسريين الكاثوليك. ولكن لا توجد للفاتيكان قوات بحرية أو جوية، ومهام الدفاع الخارجي موكلة للدولة الإيطالية التي تحيط بالمقر البابوي من جميع الجهات. وبقيت روما مقرا للكنيسة الكاثوليكية خلال الفترة بين 1309 ـ 1377 حين لجأ البابا الى مدينة أفينيون في فرنسا.
وتمتلك الفاتيكان مكتباً واحداً للبريد ودائرة مطافئ وشرطة خدمات وسوقاً ومصرفاً، يتميز بأنه الوحيد الذي يوفر لزبنه خدمة اختيار اللغة اللاتينية عند استعمال آلات صرف النقود. وهناك مؤسسة إذاعة وتلفزيون رسمية ناطقة باسم «الكرسي الرسولي» تبث إلى جميع بقاع العالم، وخدماتها متوفرة عبر الإنترنت. كما توجد أيضا جريدة رسمية للفاتيكان باسم اوزرفاتورية رومانو، توزع يوميا باللغة اللاتينية وأسبوعياً باللغات الانجليزية والاسبانية والبرتغالية والألمانية والفرنسية.
وتقع في الفاتيكان أهم كنيسة كاثوليكية في العالم، وهي كنيسة القديس بطرس، المولود في القدس واكتشف قبره تحتها عام 1950 بعد عشر سنوات من التنقيب، وكان أول بابا في التاريخ، وبناها الامبراطور الروماني قسطنطين الذي اعتنق المسيحية في القرن الخامس الميلادي. وحاول البابا الراحل يوحنا بولص الثاني بناء الجسور مع العالم الاسلامي خلال التسعينات ووافق على بناء مسجد للمسلمين في روما لأول مرة كما زار بيت لحم مهد المسيح عام 2000 وسورية عام 2002. وأيد قيام الدولة الفلسطينية وعارض حرب العراق. وانتخب البابا الحالي بنديكتوس السادس عشر الذي سيلتقي أول عاهل سعودي حيث تابع سياسة حوار الاديان لكنه انتقِدَ للخطاب الذي القاه العام الماضي في المانيا وربط فيه بين الارهاب وبعض تفسيرات العقيدة الاسلامية. وقدم نوعاً من الاعتذار بعد ذلك، قائلا إنه أسيءَ فهمه، وإنه قصد التأكيد على ربط الدين بالعقلانية والتسامح. وسيكون اللقاء مع خادم الحرمين الشريفين تاريخياً بالنسبة للعلاقات الاسلامية ـ المسيحية.