الشائعة هي نقل لأخبار خاطئة تتغير الحقيقة عندما يتم نقل أخبارها وهذا أمر يحصل دائماً (كلعبة التلفون المعطّل téléphone cassée). تبدأ اللعبة بكلمة معينة وتنتهي بكلمة أخرى تختلف عن الكلمة الأولى كل الاختلاف. إذاً، حتى الحقيقة تتعذب عندما يتم نقل أخبارها.
مثال: "امرأة غنية أعطت نقودها للفقراء"، تصبح الجملة بعد فترة من تناقلها بين الناس: "امرأة شريرة تأخذ نقود الناس"!..
ما الذي حدث هنا لماذا لم ينتقل الخبر كما هو لماذا تغيرت الخبرية بهذا الشكل؟
كيف نفهم تغيير الكلام بهذه الطريقة؟ في هذه الحالات من تغيير الحقيقة المنقولة يحدث إسقاط من لا وعي الشخص الذي ينقل هذه الأخبار، وهو الأمر الذي يجعلنا نشوّه الحقيقة، وهو أمر لا نحب أن نفكر فيه ولا نقبله، لأنه يعني أن هذه المشاعر السلبية وهذه الأفكار الشريرة موجودة في اللاوعي لدينا، وبالتالي في اللاوعي نحاول إسقاط هذه الصورة السلبية الموجودة فينا على شخص آخر، ومنه في هذا المثال الموجود لدينا تحاول هذه المرأة إسقاط الشر الموجود في لا وعيها على هذه الحقيقة التي سمعتها وهنا يحدث تشويه الحقيقة.
مثال من الإنجيل: الابن الكبير الذي لا يريد أن يدخل بيت أبيه بعد عودة أخيه الأصغر، في مثل الابن الشاطر، ذلك لأن لديه إشاعة تقول أن أخاه ذهب مع البغايا, هو أمر غير صحيح تماما أي الأخ الأكبر لم يكن متأكداً تماماً من الموضوع. إذاً، الكلام قد خرج منه هو ومن داخل نفسه أي هو كان يقول ما يحب أن يعمله هو لو كان مكان أخيه كأنه يتكلم عن نفسه دون أن يعرف .
ما هي البيئة التي تنمو فيها الشائعات؟ 1- وسط مترابط
2- وجود فراغ عند النساء ( زيارات، سهرات، ...)
3- الغيرة (جارتي أولادها أفضل من أولادي.... )
أولا: الوسط المترابط
في أوربا مثلاً، المحيط غير مترابط!.. كل واحد يعيش لوحده، ولا يستمد الشخص قيمته من نظرة الناس والإشاعة تحدث في محيط ضيق جداً.
كيف نقلل الشائعات في الوسط المترابط ؟
لكي نقلل الشائعات في هذا الوسط المترابط علينا أن نستمد قيمتنا من حياتنا الخاصة وأن يكون لدينا ثقة في أنفسنا وتكون لدينا قناعات شخصية قوية .
المحيط سيرفض هذا الشخص. وسيرفض المرأة التي تعيش حياة مستقلة وخاصة ولكن ما هو سبب الرفض؟
السبب هو أن بقية أفراد المجتمع المحيط بها سيغار منها ويحكم عليها وسيشعر بالنقص أمام هكذا شخصية قوية وسيحاول الناس في المجتمع أن ينزلوك إلى مستواهم حتى لا يغاروا هم وحتى يسعد المجتمع .
وسيبدؤون بنشر الشائعات حول هذا الشخص الهام والمتميز، ولكن في النهاية سيملّ المجتمع من الكلام على هذا الشخص، وسيتعوّد على هذا الوضع المعين وهذا الشخص بالتالي سيعيش حياته براحة في المجتمع.
هنا سنقول إننا لا نستطيع تغيير المجتمع ولكن نستطيع أن نغير حياتنا الشخصية، وبالتالي سنكون راضين عن أنفسنا.
ثانيا : الفراغ
الرجال هم أقل عرضة للفراغ، الفراغ يعطي عدم الشعور بالقيمة ولكن إذا كانت حياتي ممتلئة بعمل جيد فأنا أشعر بقيمتي.
من هذا الفراغ نقرر الذهاب إلى "الصبحيّة"، أي أننا نذهب فارغين ولهذا السبب نرى أن السؤال الأهم في "الصبحيّات" ما هي الأخبار؟
والسؤال هنا: ما الذي عليّ فعله لأصل لـ"صبحيّة" أغنى؟
نقول أن على كل واحدة أن يكون لها اهتمام معين وأمر جميل تقوم به في حياتها وأن نقوم بقراءة بعض الكتب ومن ثم نخبر بعضنا عن الأمور التي قمنا بها ونتكلم حول الأشياء التي قرأناها وهنا الأمر يصبح جميلا ولا نحس بالحاجة إلى إسقاط قيمة الآخرين حتى نرفع من قيمتنا.
إذاً، عندما نلتقي بـ"صبحية" من جديد علينا أن نحاول عدم التكلم على الآخرين بل أن نتكلم عن أنفسنا.
ثالثا : الغيرة والحسد وإسقاط الشر على الآخر :
الحسد هو الشعور بأن هناك شيء يمتلكه الآخرون وأنا لا أملك مثله. والإشاعات أحيانا تنتشر من الحسد!..
هذا رجل غني وأنا لا أمتلك مثل ماله فتبدأ هنا الإشاعة، فنقول إنه غني ولكنه يحب النساء ونرفق هذه الشائعة التي هي إسقاط من لا وعينا نحن بكلمة ولكنني لست متأكداً (إي أننا ندخل الشر ثم ننسحب).
كيف أقاوم مشاعر الغيرة والحسد؟
حتى نقاوم مشاعر الغيرة والحسد علينا أن ننظر إلى ذواتنا نظرة إيجابية وأن نبحث على الأشياء الجميلة الموجودة في داخلنا ونحبها ونحب ذاتنا كما هي وثم نبحث عن الأشياء الخاطئة الموجودة في داخلنا وفي اللاوعي عندنا ونحاول إخراجها ومعرفة سبب وجودها وبالتالي نحاول التخلص منها .
وعلى الإنسان أن يعرف دائماً، أنه صالح وليس سيئاً!.. ولكن هناك بعض الأخطاء في داخله التي من الممكن تصحيحها .
هذه العملية بحاجة إلى الكثير من العمل على الذات، والبحث داخل نفوسنا حتى نكتشف الأشياء الجميلة ونشجعها ونجد الأشياء الخاطئة ونصححها.
علينا أن نعمل شيئا آخر.. شيئاً مفيداً.. نلاحظ أن النساء اللواتي يعملن في الكنيسة، وفي اللجان، وفي الأخويات والجمعيات، يتغيرن لأنهن يعملن أشياء جميلة ولذلك يشعرن بقيمتهن .
من المستحيل أن تحس المرأة بقيمتها إذا لم تكن منتجة!.. والأمهات بشكل عام لا يعيشون من قيمتهم الشخصية بل يستمدون قيمتهم من خلال أولادهم لذلك تأتي الغيرة عندما ترى هذه المرأة عائلات أخرى أولادها أفضل من أولادها .
في النهاية : بين عمر الـ 45 والـ70 هناك وقفة واستراحة وليس نهاية الحياة علينا أن نبدأ حياة جديدة انطلاقا من أنفسنا وليس من الواجب أي أن الأشياء التي كنا نحب القيام ولكن الوقت لم يكن يساعدنا سابقا .
إن حب الحياة لا يتركنا نغار .
علينا أن نفكر بنوع من النضوج وأن نعمل الأشياء التي نحبها .
على كل شخص أن يقول: "أنا أريد الآخرين حتى أقدم لهم شيء فياض"!ّ..
بقلم: الأب فرانس فاندرلخت
_________________
موضوع: الشائعات تخرب حياتنا احيانا ...فحذروا منها 
الإثنين سبتمبر 21, 2009 5:10 pm
